PopAds.net - The Best Popunder Adnetwork مائدة الأغنياء

مائدة الأغنياء

 


الكاتب: أحمد فؤاد الهادي


يالفرحتي بأسرتي حين ألقاهم بعد قليل في قنا ... غادرتهم منذ عام لألتحق بعمل في الخليج...سأقضي الشهر المبارك كاملا بينهم.


السيارة تشق طريقها إلى قنا ...نصف ساعة تقريبا ويرفع آذان المغرب .. السائق  يغمرني بعبارات الود والترحاب.


- لاتقلق ياسيدي ..معي زجاجة ماء لنفطر بها في الطريق.

-أكرمك الله .. فقد اشتريت زجاجة أيضا من المطار.


شيخ مهيب يقف على حافة الطريق حاملا (قلة) من تلك التي تشتهر قنا بصناعتها .. إنه يلوح بقلته في إصرار وإلحاح راجيا العابرين أن يتوقفوا ليفطروا على ماء قلته....عيناه ترسلان رسائل الرجاء .. وكأن أمنية عمره هي أن يُفْطِر صائما.


 تأنيب داخلي يعذبني ..ألم يكن أحرى بي أن أجبر بخاطر الرجل؟  ماذا فهم الآن؟ هل اعتبرني متكبرا؟ أم تراه اعتقد أن نفسي عافت أن تشرب من قلته؟


لا لا .. لاأحتمل تلك السياط التي تجلد نفسي في صمت.

السائق حديثه مازال مستمرا ..ألم ير الشيخ وقلته؟


-  فضلا عد بنا إلى المطار ..نسيت مفاتيحي بينما كنت أشتري زجاجة الماء.

هانحن عائدون .. أذان المغرب يصدح وكأنه خيمة من الرحمة تحتوي الوجود وتبث فيه الرحمة ..

الحمد لله .. مازال في مكانه ملوحا ..


- آه عفوا أخي .. هاهي المفاتيح وجدتها في حقيبة يدي ..فلنعد لطريقنا.

لم يكل ذراع الشيخ .. لم يستجب لدعوته أي من العابرين .. ياله من مسكين.

- فضلا توقف عند هذا الشيخ.  


إنه يقبل علينا والسيارة لم تتوقف بعد! ... يناولني قلة ويأتي بأخرى للسائق .. الغبطة تكسو ملامحه .. أود أن أفرغ كل ماء قلته في جوفي حتى أسعده .. أشرب وأرى الارتواء على وجهه .. دمعت عيناه وهو يلهث بالدعاء وحمد الله.

- يابني لقد منحتني من الله الأجر الدائم.

- ومنحتني باوالدي أجر جبر الخاطر .. ليتك تبيعني قلتك تلك..


هل أغضبته كلماتي؟ لقد توهج وجهه احمرار.

- لاتضع أجري وأجرك يابني ..أنا أسعد منك أن تقبل قلتي ..هي لك.


طاولة الطعام حافلة بخيرات الله والفرحة على وجوه الجميع، يتساءلون: ألن تفطر؟


-ليتكم كنتم معي .. لقد أفطرت على مائدة الأغنياء.

 


Comments