PopAds.net - The Best Popunder Adnetwork جنة الأرض

جنة الأرض

 
جنة الأرض
جنة الأرض

براحٌ لانهائي .. آفاقُ رحبةُ ... أشجارٌ مزهرةٌ ومثمرةٌ ..لم أر مثلَّها من قبل .. أنهارٌ تجري بمياهِ ليس كالمياه ... تفوحُ منها ريحٌ زكيةٌ وعذوبةٌ تكادُ العينُ أن تراها ... هدوءٌ يزينَهُ تغريدُ طيورِ بديعةُ الألوان ...سكينةٌ تغْمُرُني وسلامٌ يعتريني ... حقيقةٌ تفوقُ الخيال .

أراهم قادمين من الأفقِ البعيد ..

 نعم ..فهذا زوجي يتبْعَهُ ولدي وابنتي ... الآن تبينت
ملامحَهم جيدا ...

 ماكل هذا الضياءُ
المنبعثُ منهم؟ 
هل صاروا ملائكة؟

إياد الصغير أراه يعدو ويمرح وقد برأ من شلل الأطفال
الذي لازمه منذ مولده...

 أكاد أسمع
ضحكاته...
 لم أره سعيدا
هكذا من قبل...

 ماأجملك يافاطمة... لم أصادفْ عروسا في جمالك... شعرُكِ المنسدلُ
على ظهرِكِ حتى كادَ أن يبلُغ قدميكِ...
 اللآلئُ تُزينُ مِعصَميكِ وجيدكِ... والسندسُ يحتضِنُك وكأنه كان في شوق إليك...

 زوجي نذار أراه شامخا عزيزا... يخطو في حزم ويقين .. يغمُرُ إياد وفاطمة بنظراته الحنون وعلى وجهه تجسدَ الفرحُ والرضا...

وهؤلاء المارون أمامي...أعرفهم جيدا... 

 إنهم جيراننا من الرجال والنساء والشباب والأطفال... كم من العمر
قضيناه بينهم...

 سيعرفونني كما عرفتَهم... كم حزِنت لفِراقِهم...لقد استشهدوا جميعا في يوم واحد..قبل أن ينهارَ البيتُ فوق رأسي وأنا أبكيهم ...البيت الذي سترني لسنين طويلة، صار ركاما وكتلا خرسانية وصار جسدي كشَظِية من شظاياه ...

 تُرى كم مر علي من الوقت هنا؟

لابد أن بيوت الحي جميعُها قد انهارت تحت وطأة القذائف الجبانة

ولكن يبدو أننى لست هناك!

 فأنا لاأشعر بوطأة الركام ولا بخنقة الغبار!

لقد ذهب الجوع والعطش دون أن أتناولَ طعاما أو أرتشفَ ماء!

أتراني قد استُشْهدت كأسرتي؟

 وإلا لماذا أنا بينهم هنا؟

 ماأجمل الاستشهاد...

أناديهم... يبدو أنهم لايسمعونني...

 ألوح لهم... أستحثهم أن يسرعوا الخطى...

 لاأرى لي جسدا...ولاأملك أن أسعى إليهم!

كأنني في طور إعدادي للحياة الأبدية...

 ليتهم يسرعون الخطى... لعلهم متيقنون من أنني في طريقي إليهم...

سيأتي ولدي الصغير ليسقيني من كأس من الفضة وقد صار إياد ناصعا براقا كحبة اللؤلؤ .

 لاأدري: هل سأستطيع ضمه إلى صدري؟... أم أن ذلك شيء مستهجن هنا؟

لالا.. فالرحمة كلها هنا... لن يحرموا أما من احتضان أبنائها...

 كم كنت أبحث عن الرحمة، وهاهي قد أتتني واحتوتني وجمعتني بأسرتي....

هل أنا حقا في الجنة؟

آه ... لاأستطيع الحراك ...

 ترى ماذا يكبلني؟

أطرافي لاتطاوعني ..

 لساني ملتصق بمكانه

 الرؤية بدأت تهتز أمام عينيي الذابلتين ..

المح شخوصا يتحركون حولي في صمت وسرعة، وقد اتشحوا جميعا
بالأبيض الناصع ...

 الحياة تدب في أوصالي، وكأنني يعاد ولادتي من جديد ...أذناي تتنبهان في كسل .. همس يترامى إلى مسامعي ...

 لابد أنهم الملائكة، لقد صدرت إليهم الأوامر بتسكيني وأسرتي نزلا يليق بالشهداء ..

 يا الله!! إنني أسمع جيدا:

  - الحمد لله .. لقد تخطت مرحلة الخطر.

 - سنترك الأجهزة متصلة حتى تستقر البيانات.-       

 - نعم، مع المتابعة المستمرة والدقيقة.-       

- العلاج في توقيتاته، سأعاودها بعد ساعة.

التفت إلى المسجاة أمامه، وقد ملأت الدهشة ماتبقى ظاهرا
من وجهها الذي اختفى معظمه خلف الأربطة والضمادات:
-       

- حمدا لله على سلامتك سيدتي.

- إنه يحدثني!

 - مازلت في الدنيا إذن!

 إنهم ملائكة الأرض ...

 أنا في جنة الأرض وبين أيدي ملائكتها ...

عندما دنت منها إحدى الملائكة استطاعت أن تقرأ وشاحا على ثوبها الأبيض وقد كتب عليه بالأخضر الزاهي: مستشفى العريش المركزي.
 

 الرئيسية